يبدو أن إشهار الإمارات تحالفها مع إسرائيل، الخميس الماضي، قد فتح شهية أتباعها في المنطقة للسباق علناً نحو إسرائيل، وبعدما كانت بعض الدول العربية تطبع مع إسرائيل سراً وتنسج العلاقات وتعقد اللقاءات بعيداً عن الأعين، فتح هذا التحالف الإماراتي مع الاحتلال الباب على مصراعيه لحقبة جديدة من “الوقاحة”، فراحت الدول تهرول وتستجدي التطبيع، متجاهلة المعارضة الشعبية لمثل هذه الاتفاقات التي تقدّم للاحتلال تنازلات على طبق من فضة، وأبرز ما يعبر عن هذه الحالة ما صدر مساء اليوم الثلاثاء عن المتحدث باسم الخارجية السودانية حيدر بدوي، حيث قال في تصريحات صحافية إن بلاده ستكون “أهم بلد تطبع معه إسرائيل وحتى أهم من مصر”.
وأضاف بدوي أن لقاء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في فبراير/شباط الماضي، كان “خطوة جريئة فتحت الباب أمام اتصالات يمكن أن تتم بين الطرفين”، لافتاً إلى أنه “نحن لسنا أول دولة تطبع مع إسرائيل وعلاقتنا مع اليهود قديمة منذ عهد موسى عليه السلام، وسنناقش التطبيع مع إسرائيل في دهاليز السلطة بالخرطوم ولسنا تبعا لغيرنا”.
وبعد وقت قصير، نفى وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، تصريحات المتحدث باسم الوزارة، لافتاً إلى أنه تلقى “بدهشة”، تصريحات السفير حيدر بدوي صادق، الناطق باسم الوزارة حول سعي السودان لإقامة علاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أن تلك التصريحات “أوجدت وضعاً ملتبسا يحتاج لتوضيح”.
وذكر قمر الدين في بيان صحافي أن “وزارة خارجية جمهورية السودان لم تناقش أمر العلاقات مع إسرائيل بأي شكل كان، ولم يتم تكليف السفير حيدر بدوي الإدلاء بأي تصريحات بهذا الشأن”.
بدوره، قال فيصل محمد صالح، وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية لـ” العربي الجديد” إن ملف العلاقة مع إسرائيل ومنذ اللقاء بين البرهان ونتنياهو في فبراير الماضي، “تم طيه بالكامل”، مؤكداً أن الحكومة على مستوى مجلس السيادة أو مجلس الوزراء لم تناقش مطلقاً الموضوع نهائياً، ولم تطرأ حتى مستجدات جديدة لمناقشته.
ولم يكن موضوع التطبيع بين إسرائيل والسودان غائباً كأحد عناوين السجال في السودان طوال العقود الماضية، لكنه شهد في العام الحالي (2020)، بعد لقاء البرهان ونتنياهو في عنتيبي، والذي عُدّ نقلة غير مسبوقة، والأكثر “جرأة” أو وقاحة في تاريخ محاولات وتجارب التطبيع مع إسرائيل.
ولم يتأخر رئيس الوزراء الإسرائيلي في إعلان ترحيبه بتصريحات المتحدث باسم الخارجية السودانية، حيث أصدر بياناً قال فيه: إن الإعلان يعكس “قراراً شجاعاً” لقائد السودان عبد الفتاح البرهان. وأضاف البيان أن إسرائيل والسودان والمنطقة كلها ستربح من اتفاق السلام، ويمكن بناء مستقبل جيد لكل شعوب المنطقة معاً. سنبذل كل ما يتطلب الأمر لتحويل هذه الرؤيا لواقع”، بحسب ما أورد موقع صحيفة “هآرتس”.
ونقلت “هآرتس” تقديرات من وصفتهم بالخبراء، من دون أن تسميهم، بأن السودان سيطالب الولايات المتحدة، مقابل إبرام السلام مع إسرائيل، برفع العقوبات المفروضة عليه، لا سيما أن موقع السودان الجغرافي له أهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل، كونه ممراً لتهريب الأسلحة من إيران، سواء إلى لبنان أو قطاع غزة.