مع بداية قطرات المطر الأولى لفصل الشتاء، تبدأ ظاهرة اهتراء الطرقات تظهر للعلن، يعيشها الجزائريون في المدن الكبرى وباقي الولايات الداخلية دون استثناء، مسببة لهم عقابا جماعيا ينغص عليهم مشاغلهم اليومية جراء النقاط السوداء التي تخلفها، والاختناق المروري الذي تشكله حوادث المرور التي تكون احدى نتائج هذه الظاهرة.
وتعد ظاهرة اهتراء الطرق خلال هذه الفترة من السنة علامة مسجلة في أغلب المدن الجزائرية خاصة الكبرى منها، فرغم الأموال التي ترصدها الجماعات المحلية للحفاظ على هذه الطرقات وإزالة النقاط السوداء، إلا أن المعاناة تتكرر في كل سنة، ما يطرح علامات استفهام عديدة حول الأسباب الرئيسية المسببة في هذه الظاهرة.
ومؤخرا كشفت وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن أرقام صادمة عن حصيلة عمل المصالح المختلفة لتنظيف الطرقات والبالوعات التي تتواجد على حوافها، في محاولة استباقية للحدّ من هذه الظواهر السلبية، لكن يبقى المشكل الأكبر لهذه الظاهرة هو اهتراء الطرقات والتي تزيد حدّتها مع التقلبات الجوية التي تعرفها الجزائر في هذه الفترة من السنة، ما يجعل مسألة معالجة هذا الإشكال أكبر من تنظيف البالوعات أو الطرقات.
- حفر في الطرقات السريعة، ورشات بلا إشارة وأخطاء في تصميم المنعرجات
وخلال جولة قادت معد هذا التقرير لصالح المنصة الإخبارية عاجل نيوز إلى عدد من البلديات إقليم الجزائر العاصمة وقفنا على وضعية كارثية لعدد من الطرقات الفرعية وحتى الرئيسية، مثلما لاحظناه بالكاليتوس، الحراش، جسر قسنطينة، حسين داي، براقي، العاشور، سيدي امحمد والجزائر الوسطى، حيث لا تخلو أي بلدية من هذه البلديات من مقطع رئيسي أو محوري متدهور ومليء بالحفر، وهو ما يتسبب في معاناة لأصحاب السيارات على وجه الخصوص إذ يشتكي هؤلاء من أعطاب بالجملة في سياراتهم بسبب الحفر الكثيرة التي تعد أيضا سبب من أسباب حوادث المرور غالبا، حسب ما صرح به أحد المواطنين لمنصة عاجل نيوز.
وعن الموضوع، يقول الخبير المعماري وعضو الهيئة الوطنية لخبراء البناء والمهندسين المعماريين، رؤوف بن سلامي أن وضعية الطرقات في عاصمة البلاد تطرح الكثير من علامات الاستفهام، خاصة الطرقات الفرعية، معتبرا أن نفس الوضع ينطبق على أغلب الولايات والمدن الكبرى.
وقال بن سلامي أيضا في تصريح لمنصة عاجل نيوز إن الوضع يتفاقم ويزداد سوءا أكثر خلال فصل الشتاء والتقلبات الجوية، مشيرا أن إسناد مشاريع تهيئة الطرق وتزفيتها لمقاولات وشركات إنجاز حلّت في واقع الأمر ولا تزال تشتغل في الميدان، من بين الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى نتائج سلبية حتمية تنعكس على حالة هذه الطرق، مرجعا ذلك إلى عدم قدرة هذه المقاولات على القيام بدورها، كما ينبغي تحقيق هذا النوع من المشاريع لافتقارها للخبرة الطويلة والإمكانيات التقنية والمعرفية، إلى جانب العتاد الآلي، خاصة في إنتاج وتهيئة مادة الزفت وكيفية وضعه على الطريق.
نفس الأمر سلط عليه الخبير في الأشغال العمومية زين الدين زياني، في تصريح صحافي أدى به لـ عاجل نيوز محملا بعض رؤساء المجالس الشعبية البلدية عدم احترام الصفقات العمومية الخاصة بتعبيد الطرقات والأشغال العمومية، وكذا اعتمادها على الأقل خبرة على حساب المقاولات الأخرى وذلك في إطار تبادل المصالح بين أصحاب هذه المقاولات وهؤلاء.
وقال أيضا إن نسبة 60 بالمائة من حوادث المرور سببها اهتراء الطرقات، مبرزا أهمية الرقابة التقنية قبل وبعد الشروع في إنجاز مشاريع الأشغال العمومية، لاسيما تهيئة وتعبيد الطرق وما لها من قيمة كبيرة في التحكم في كافة المراحل التي تمر بها هذه المشاريع العمومية، مؤكدا أن أغلب المقاولات الموكلة لها أشغال تهيئة الطرق لا تتقيّد بهذه الرقابة ولا تقوم بالدراسة التقنية المطلوبة ولا حتى المتابعة عند اكتمال المشروع، ما يجعل هذا الأخير بعيدا عن المقاييس المعمول بها ولا يصمد في وجه الأعراض المناخية، ما يتطلب صيانته في كل مرة.