قطيعة رحم، عقوق وجفاء بسبب التباعد الاجتماعي؟!
آباء وأمهات يروون لـ "عاجل نيوز" معاناتهم مع أبنائهم خلال الحجر الصحي
عندما دعت منظمة الصحة العالمية والأطباء والمختصون في الجزائر لضرورة التباعد الاجتماعي كإجراء أساسي للوقاية من فيروس كورونا، لم يقصدوا أبدا ألا يزور الأبناء آباءهم وأمهاتهم للاطمئنان عليهم ومعرفة احتياجاتهم، خاصة أن من هؤلاء مرضى وعجزة باتوا يعيشون الإهمال من طرف أبنائهم بحجة فيروس كورونا وما فرضه من تباعد اجتماعي.
ومن الواضح أن بعض الأبناء العاقين اتخذوا من فيروس كورونا وتدابير الوقاية منه، التي تفرض التباعد الاجتماعي على الجميع حاليا، فرصة للتباعد الأسري وقطع صلة الرحم مع الأقربين إليهم، وسببا للجفاء والعقوق، وهو ما يحدث حاليا في الكثير من الأسر الجزائرية، حيث يشتكي آباء وأمهات عجزة ومسنون من إهمال أبنائهم لهم بحجة الخوف عليهم من المرض، رغم أن هذا الإهمال كان سببا مباشرا في تدهور صحتهم، وهم يعانون أصلا من العديد من الأمراض المزمنة، وهو حال “خالتي يمينة” التي تحدثت لـ” عاجل نيوز” بحرقة لتروي لنا معاناتها مع ابنها العاق، على حد وصفها، خلال فترة الحجر الصحي، حيث أشارت أنه ومنذ أكثر من 5 أشهر لم يزرها ليطمئن عليها، ولم يأت لاصطحابها لمواعيدها الطبية أو حتى لتلبية احتياجاتها اليومية من مأكل ومشرب، وهي تعيش وحيدة هي وابتها المعاقة.
وقالت “خالتي يمينة” إنها كلما اتصلت بابنها تطلب منه شيئا إلا وأجابها أن “هناك وباء ويجب ألا يزورها خوفا عليها من المرض”، رغم أنها تقول إنها مريضة بضغط الدم والسكري والقلب وحالتها تدهورت في الفترة الأخيرة وتحتاج لزيارة الطبيب بصفة عاجلة. “خالتي يمينة” ليست الحالة الوحيدة التي صادفناها تشتكي من قطعية ابنها لرحمه وجفائه بحجة فيروس كورونا، فـ”عمي السعيد” هو الآخر يعاني نفس المعاناة، حيث يروي لنا أن أبناءه خلال الخمسة الأشهر الماضية، مدة الحجر الصحي، زاروه مرة واحدة فقط خلال عيد الفطر، وعدا ذلك فكلما يتصل بأحدهم ليطلب منه شيئا يتحجج بالوباء والتباعد الاجتماعي، ليتساءل “عمي السعيد” ألهذه الدرجة هذا الوباء خطير؟”، مضيفا “لم أطلب منهم أن يأتوا ويعانقوني ويجلسوا معي مدة طويلة، كل ما طلبته هو أن يزورني أحدهم من حين لآخر.
أخاف أن أموت ولا يدري بي أحد”، مضيفا “لولا جيراني لكنت مت من الجوع والعطش منذ مدة”. ولعل خالتي يمينة وعمي السعيد هما عينتان فقط لآباء وأمهات كثر يعانون جفاء أبنائهم قبل كورونا. هذا الجفاء الذي بدل أن يتبدد في زمن قهر فيه فيروس لا يرى بالعين المجردة البشرية جمعاء، زاد وتحول إلى قطيعة رحم بحجة التباعد الاجتماعي الذي لم يعد كثيرون مفهومة، وربما فهموه لكن نفوسهم المريضة جعلت منهم يتخذون هذا الوباء حجة لقطع صلة الرحم مع أقرب الناس إليهم.