يستمر الاحتلال الصهيوني في خطواته التوسّعية على أراضي محافظة الخليل جنوبي الضفة الغربية، حيث أعلنت الإدارة المدنية الصهيونية، قبل أيام، عن نيّتها تعديل منطقة النفوذ في بؤرة “تنه عومريم” الاستيطانية المقامة على أراضي جنوب بلدة الظاهرية جنوبي الخليل، وذلك ضمن أهداف استيطانية على حساب الأراضي الفلسطينية المصادرة سابقًا بذريعة أنها “أراضي تابعة للكيان”.
وتأتي التوسعة الصهيونية على مساحة تتجاوز 300 دونم، من الأراضي التابعة لبلدة الظاهرية، وخربتي الرهوة وزنوتا، وهي مناطق مخطرة بأوامر الهدم وعمليات الإخلاء من التجمعات السكنية، لصالح التوسع الاستيطاني في المستوطنة التي يزيد عدد مستوطنيها عن 1200 مستوطن؛ بهدف شقّ طرقٍ جديدة، وبناء وحدة استيطانية، ومراكز خدماتية.
اللافت في المخطط الذي نشرته الإدارة المدنية الصهيونية أنه يستهدف التوسع في مناطق النفوذ، إذ جرت العادة أن يتوسع الاحتلال داخل مناطق النفوذ، لا أن يوسعها على حساب الأراضي الفلسطينية، بحسب ما يقول مدير عام النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية أمير داود خلال حديث مع “العربي الجديد”.
ويشير داود إلى أن مساحة البناء الاستيطاني في “تنه عومريم” قرابة 210 دونمات، فيما تتخطى مساحة النفوذ الاستيطاني 1000 دونم، وبعد القرار الأخيرة، من المرجح أن تتوسع المنطقة إلى ما لا يقل عن 1300 دونم باعتبارها منطقة نفوذ للمستوطنة، لتهيئة الظروف من أجل التوسعة المستقبلية على هذه المناطق.
وبحسب داود، فإن القانون الصهيوني يمنع بناء المستوطنات إلا على ما يسمى “أراضي دولة” وهي الأراضي التي سيطر عليها الاحتلال بالضفة الغربية في ثمانينيات القرن الماضي، والتي تخطت مليون دونم في ذلك الوقت، بحجّة أنها “أراض متروكة”، ولذا فإن الاحتلال يعتبر أن التوسعة الاستيطانية قائمة على أراضي مسيطر عليها سابقًا.
وكان الاحتلال عبر وزارة المالية الصهيونية قد أصدر قانونًا بعنوان “حارس أملاك الغائبين” في مارس/ آذار 1950، عقب انتهاء حكم الأردن على أراضي الضفة الغربية، واعتبر كل يهودي أو فلسطيني ترك أو هجر مكانه عام 1947 “غائباً”، ويحق للسلطات الصهيونية التصرّف بأملاكه تحت إطار هذا القانون، وهذا ما يطبقه الاحتلال على أراضي جنوب الخليل على اعتبار أنها متروكة من أصحابها.
وجاء في النقطة الثانية من إعلان الإدارة المدنية توسيع “تنه عومريم” أنه “يحق لكل من يرغب الاعتراض على تنفيذ التعديل المذكور أن يرفع ادعاءاته المفصّلة للإدارة المدنية خلال 21 يومًا من نشر الإعلان عبر بريد إلكتروني”. ويوضّح داود أنه لا يوجد شيء قانوني يبطل هذه التوسعة سوى امتلاك أوراق “الطابو” العثماني، غير أن الاحتلال يتعامل معها كأنها مناطق مصادرة بالمحصّلة.
وقسّم المخطط الصادر عن ضابطة قسم الاستيطان في الإدارة المدنية مايا بيتون المنطقة المقامة عليها بؤرة “تنه عومريم” إلى ثلاث مناطق، الأولى منطقة زرقاء تقام عليها البؤرة الاستيطانية وتتوسع، ومناطق حمراء محاذية لحدود المستوطنة “يمنع على الفلسطيني الاقتراب منها باعتبارها مناطق أمنية”، ومناطق صفراء عبارة عن أراض غير مبنية يتعامل الاحتلال معها وفق نظام عمل “طاقم الخط الأزرق” في الإدارة المدنية، والذي يدعي أنه يراجع مساحة الأراضي التي جرت السيطرة عليها منذ ثمانينيات القرن الماضي، خاصة أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك وسائل تكنولوجية دقيقة لتحديد حدود المستوطنات والبؤر، بمعنى أن هذه المناطق قيد المراجعة إن كانت تتبع للمستوطنة أو الفلسطينيين، وهذا كلّه ضمن ادعاءات الاحتلال وتبريره أمام المجتمع الدولي، بحسب ما يوضح داود.
ويلفت داود إلى أن الاحتلال، قبل نحو عامين، أكمل بناء مقطع من جدار الفصل العنصري، بطول 45 كيلومتراً امتدت من المناطق الشرقية الجنوبية لمحافظة الخليل من مسافر يطا، إلى المناطق الغربية قرب بؤرة “تنه عومريم” المحاذية لبلدة الظاهرية، ما يعني أن الاحتلال يسارع في الخطوات الساعية لفصل المنطقة وعزلها ومصادرتها على حساب الأراضي الفلسطينية، في مناطق: “الظاهرية، والسموع، ويطا”.
ويهدف الاحتلال، وفق داود، إلى ربط البؤر الاستيطانية جنوب الخليل بعضها ببعض، انطلاقًا من “تنه عومريم” غربًا إلى “أفيجال، وشمعة، والكرمل” شرقًا وذلك عبر تشكيل حزام استيطاني دائري، لا سيما أن المناطق التي تفصل جنوب الضفة عن شمالها تعتبر مناطق تدريب عسكري للجيش في منطقة “عرب الرشايدة”، بالتالي ينفذ الاحتلال هدفه الاستراتيجي بالحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية.